اضغط على لايك لتكتشف كل أسرار الربح من الانترنت

أخي جمال .. أحبك في الله


أخي جمال بلغ قمة الجمال ، فالنور على وجهه ساطع كأن الشمس تجري فيه ، كلما ألقى عليك السلام ، تنبعث منه حرارة صدق تلهب قلبك ، نبرته ونظرته نادرة بين عموم الناس ، كيف لا وهو أخي جمال؟؟ أخ لم تلده أمي بل ولده الإسلام لي ، عرفته لما التقينا معا في طريق التدين ، وقد لفَتَ نظري بجدِّه في السير وحَثـِّه الناس على لزوم وسط الطريق ، تراه في مقدمة الركب يحدو الناس ، ثم تراه في مؤخرته يأخذ بأيدي الضعفاء ، ومع كل هذا لا تفارق البسمة وجهه غير أن قلبه كان على ما يظهر قلب مَكلوم لحال أمته ، يبكي بعيني قلبه كلما رأى بعدهم عن غايتهم التي لأجلها وجدوا ، فكان يتمثل بحاله الدين حقا ... أجمع كل الناس على أنه خير الناس خلقا، فقد كان لطبيعة عمله داخل السوق يلاقي البر والوفي والغادر ، فأجمعوا جميعا على أنه أفضل من حمل الراية وبلغ الغاية ....
جاءني نـَعْيُهُ وأنا بعمرة رمضان ببيت الله الحرام ، فلقد اتصل بي أخ يفاجئني ويفجعني بهذا النبأ الجلل ، فاسترجعت الله واسترجعت شريط الذكريات الحافل ، فكان عبرات عيني تعبر بجلاء مدا حبي له ....
لأول مرة اشعر بفقد إنسان عزيز ، لم يجمعني به نسب ولا تجارة ولا دنيا ، بل جمعني به حب الله وحب دينه ، فهنا فقط أحسست بمعنى الحب في الله ، وفهمت لماذا أستحق أصحابها وأربابها منابر النور يوم القيامة ، و كانت الغصة لا تفارق حلقي وتشتد بي الآلام كلما أيقنت لحظة بعد لحظة أنني لن أراه بعد الآن ... فكنت أقول لنفسي في نفسي : من يذكركِ إذا نسيتِ بعد اليوم ؟؟ من يأخذ بيديك إذا تعثرت وسط القوم ؟؟ من ينبهك من رقدة الغافلين ؟؟ من ....؟؟ من ...؟؟؟
فكانت الدموع تتكاثف بتكاثر هذه الأسئلة المُرَّة مرة بعد مرة ....
يشهد الله أني أكثرتُ من الدعاء له ليلة موته ، ولم أكن على علم لا بمرضه ولا بحاله ، لكنه القلب يحس بدقات من على شاكلته إذ تتسارع ، فجعلت أكثر الدعاء له مستجيبا لوصيته بعد أن سألني الدعاء لأول مرة ، وكان ذلك حين زرته في دكانه مودعا له ، فقلت له بعد السلام والملاطفة : إني مودعك وقد عزمت على زيارة بيت سيدي ، فتغلغلت الدموع في عين المحب لما ذكر المحبوب وقال : ليتك أعلمتني لكنت رافقتك ، فلترافقك السلامة ، ولا تنس أخاك بدعاء صادق في ذلك المقام ... فودعته خشية ألا أعود فسبقت إلى بيت الله بجسدي ، وسبقني إلى الله بروحه ، فكان أصدق مني شوقا وأشد مني صدقا ، فتفارقنا لتكون آخر مرة أراه فيها رحمه الله ...
حُدِّثتُ أن جنازته كانت مشهودة ، وكأنها تصدق قول الإمام المبجل أحمد ابن حنبل إذ كان يقول لأهل البدع :" بيننا وبينكم شهود الجنائز" ، فلقد تقاطر الناس على جنازته من كل مكان ،وحدثني الأخاون اللذان أنزلاه في قبره بسر رأياه من أسرار كرامة الله لأوليائه ، فهنيئا له أن ترك الدنيا على التوحيد ، محبا للدين غير ظالم للعبيد ، فهكذا نحسبه ولا نزكي على الله أحدا أبدا ...
لو نطق كتاب زاد المعاد لأفصح لكم إفصاحا عما شاهد ، ففي مسجد كنا نلتقي بعد الفجر نقرأه فكان أخي جمال ـ رحمه الله ـ أجملنا صوتا وأدفأ نبرة وأسرع عبرة ، كأنه يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إليه ، كان يحاول عبثا أن يخفي دمعه عنا ، لحرصه الشديد على الإخلاص ، فلكم انساقت قلوبنا خلف تلاوته ليخرجنا من الدنيا وسفاسفها ليدخل قلوبنا إلى بيت النبوة ، يعلمنا السنن ويهدينا إلى أقوم السبل وأرفع الدرجات ، فما أسعده في قبره بهذه الأيام فما علمنا شيئا كالعلم يدخره صاحبه للقاء خالقه ومولاه ...
وكان الشيء الذي آلمني جدا ، وحفر في قلبي حفرة تنبجس دما كلما تذكرت هذا الأخ الطيب ، أنني لم أبح له يوما ولم أصارحه بحبي له بالشكل الذي ينبغي رغم أنه ـ رحمه الله ـ كثيرا ما كان يردد على مسامعي قولة " إني أحبك في الله " ، وكلما دخلت دكانه هَشَّ في وجهي وبَشَّ وانفض عن أهل التجارة وأقبل عليَّ بوجه طلق لا يبالي بمن يبيع أو يشتري كأنه ينسلخ من الدنيا في تلكم اللحظات ليدخل إلى عبادة الحب في الله ولنتجاذب معا أطراف الحديث نحلي كلامنا ونشرف أنفسنا ونرفع مقامنا بقولنا:" قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ، فلقد كان جديرا بحبي كل الجدارة فأسال الله أن يحبه كما أحبني وأن يجعله ممن يدخل الفردوس من غير حساب ولا عذاب ويتبوأ فيها منابر النور التي أعدها الله للمتحابين فيه ، فقولوا أمين ...
ولا أنسى المراسلات العلمية التي كانت بيننا ، في علوم العقيدة والفقه والحديث ، والتي كانت تترجم علمه وخلقه وإخلاصه وتواضعه وحبه لأهل العلم والدعاء لهم والثناء عليهم ، فلست أمل من مطالعتها حينا بعد حين حتى إني لأحفظ بعضها على طوله ، تبكيني مرة لكثرة دعائه لي وحرصه عليَّ ونصحه لي ، ثم تضحكني أخرى لمتانة لغته وسلاسة أسلوبه وقوته في الاستنباط ومحافظته على علامات الترقيم ونسبة الأقوال لأصحابها فهي عندي ذكرى تجعلني أعيش مع نَفـَسِهِ وان غابت نَفـْسُه ....
والله إني لأحق أن أتمثل بالبيت الذي قاله الإمام البخاري لما بلغه وفاة شيخه الدارمي صاحب السنن إذ قال :
لازلتَ تفجع بالأحبة كلهم === وفناء نفسك لا أبَ لك أفجع
ومما يزيد الوجع ألما أنه ترك مكانا شاغرا كان يملؤه بالدعوة إلى الله وإحياء السنن ومحاربة البدع فمن يجبر النقص بعده ؟ خاصة وأنه مثال يندر ويعسر تجدده في حسن الخلق وفقه الدعوة إلى الله فأهيب بكل أخ حريص ألا يفرط فيمن يحبهم في الله ، وأن يجدد النية ويشد على أيديهم ويتقرب معهم وبهم إلى الله ، فما علِمت معنى الحب في الله حتى فقدت أخي جمال رحمه الله وغفر له وأدخله الجنة ، إنه جواد كريم.

أبو الوليد
28 ذو القعدة 1433
15 أكتوبر 2012

3 commentaires:

مدونات القمم a dit…

;)) السلام عليكم جميعا المرجو ترك أائكم في الموضوع

منصور الجمل a dit…

السلام عليكم شكرا على الموضوع المميز
و رحم الله الأخ جمال

Anonyme a dit…



thank you

مدير موقع ماي سيربرايز my surprise mysurprise

Commentaires

رسالة أحدث رسالة أقدم
اضغط على لايك لتكتشف كل أسرار الربح من الانترنت
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 

المواضيع الجديدة

أرشيف المدونة

تقسيمات

احصائيات


عدد الزوار

حمل تول بار المدونة

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

الأكتر مشاهدة